جنون عسكر الجزائر

جنون عسكر الجزائر

A- A+
  • كان الحسن الثاني يعي معنى قدر الجغرافيا، ويردد دوما قولة بسمارك مستشار بروسيا: «الثابت الوحيد في التاريخ هو الجغرافيا»، وكان ينصح البلدين الجارين قائلا: «يجب أن يتذكر المغاربة والجزائريون دائما أنهم لن يقدروا على تغيير موقع بلديهم»،أي لن يكون بمقدور الجزائريين ولا المغاربة أن يزحزحوا موقع بلديهما من الجغرافيا الثابتة، وهذا الوضع كان يجب أن يفرض المزيد من التعاون والتضامن، لكن للسياسة ألاعيبها وللمصالح الأنانية إكراهاتها، للأسف ابتلي المغرب بجار قرر أن يجعل من عداء المغرب عقيدة ونهجَ سيرة في كل ما يفكّر فيه، في الداخل كما في الخارج، في سياسته واقتصاده وفي إعلامه، في أحلامه وكوابيسه، في جوه وبره وبحره، يوجد المغرب في قلب التفكير الجزائري بوصفه العدو التاريخي التقليدي… وفي كل شيء، وها نحن نعيش أطوارا غير مسبوقة من جنون العسكر الحاكم للجزائر من شيوخ الحرب الباردة وأبناء الماما فرنسا، كما يسميهم الشارع الجزائري..

    تقول العرب «اللهم ارزقنا خصما عاقلا»، لأن العدو العاقل يساهم في توجيهك وإصلاح نقط ضعفك وفي إدراك الحجم الحقيقي لقوتك، وتعرف متى تهادن ومتى تندفع ومتى تتراجع، فالخصم العاقل أشبه بالمرآة لأن جل خطواته ذكية ومحسوبة… لكن الخصم الجاهل والبليد، الذي يعميه الحقد والجنون، فهو بلا كوابح ويمكن أن تتوقع منه كل شيء، فالأحمق مرفوع عنه القلم، وكما كان يقول الشاعر:
    لكل داء دواء يُستطب به
    إلا الحماقة فقد أعيت داويها

  • لم تكن العلاقة بين المغرب والجزائر في الأغلب الأعم، سمنا على عسل، لكن كانت حرب البلاغات والتصريحات بين البلدين تتم بشكل مغلف ودبلوماسي، حيث تشير البيانات الرسمية أو التصريحات الصادرة عن مسؤولي البلدين إلى الطرف الآخر بـ «الجار الغربي» أو «الجار الشرقي»، أو بكلمة «البعض» أو «هناك من»… لكن مع توالي الأيام تغير الوضع، فحتى قبل صعود عبد المجيد تبون إلى رئاسة الجزائر، بدأ اسم المغرب يتردد في كل التصريحات الرسمية لعسكر الجزائر ولساكن قصر المرادية، بمناسبة وبدونها، وبلغة وقحة تتجاوز كل الأعراف الدبلوماسية التي تقول «العداوة ثابتة والصواب يكون»، في الوقت الذي سن المغرب سياسة اليد الممدودة اتجاه الأشقاء في الجزائر، والتمس أكثر من مرة تشكيل لجنة مشتركة للبحث عن حلول للقضايا العالقة بين البلدين وفتح الحدود، وترك الملك محمد السادس للجزائر اختيار الشكل المناسب للحوار الأخوي بدون شروط ولا التزامات مسبقة، وعبر عن انفتاحه على كل المبادرات الجزائرية.. على العكس من ذلك، جن جنون عسكر الجزائر، فاتهموا المغرب بالوقوف وراء حرائق الغابات الكارثية التي عبر المغرب عن استعداده لمساعدة الجزائر على إخمادها ثم أعلنت من جانب واحد عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع جارها، وواصلت عملها الدبلوماسي العدائي ضد المملكة في كل المنتديات الدولية، وصولا إلى منع الطيران المغربي من التحليق فوق الأجواء الجزائرية، ويمكن أن نتوقع أي شيء مع عسكر جن جنونه بلا حدود.. ومن أجمل ما قرأت من سخرية تصرف عسكر الجزائر في هذه التدوينة الساخرة التي نتمنى أن تكون علقما لا مسك الختام، تقول التدوينة الساخرة: «عاجل من وزارة الدفاع الجزائري: بعد منع الطائرات المغربية والفرنسية المدنية والعسكرية من التحليق في الأجواء الجزائرية، أعلنت وزارة الدفاع الجزائري أنها منعت انطلاقا من زوال اليوم الطائرات المدنية والعسكرية الجزائرية من التحليق فوق التراب الجزائري، بعد كشف الشرطة الفرنسية تهريب المخدرات على إحدى طائراتها، وقد تبين بعد البحث والتحقيق أن بلدا جارا عدوا كان وراء فضيحة الطائرة المدنية الجزائرية».. وكملوا من راسكم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي